سورة الأعراف - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله تعالى: {وقالوا} يعني قوم فرعون وهم القبط لموسى عليه السلام {مهما تأتنا به من آية} يعني من عند ربك فهي عندنا سحر وهو قولهم {لتسحرنا بها} يعني لتصرفنا عما نحن عليه من الدين {فما نحن لك بمؤمنين} يعني بمصدّقين وكان موسى عليه الصلاة والسلام رجلاً حديداً مستجاب الدعوة فدعا عليهم فاستجاب الله عز وجل دعاءه فقال تعالى: {فأرسلنا عليهم الطوفان} قال ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جبير وقتادة ومحمد بن إسحاق: دخل كلام بعضهم في بعض قالوا لما آمنت السحرة ورجع فرعون مغلوباً أبى هو وقومه إلا الإقامة على الكفر والتمادي في الشر فتابع الله عز وجل عليهم الآيات فأخذهم أولاً بالسنين وهو بالقحط ونقص الثمرات وأراهم قبل ذلك من المعجزات اليد والعصا فلم يؤمنوا فدعا عليهم موسى وقال: يا رب إن عبد ك فرعون علا في الأرض وبغى وعتا وإن قومه قد نقضوا العهد رب فخذهم بعقوبة تجعلها عليهم نقمة ولقومي عظة ولمن بعدهم آية وعبرة فبعث الله عليهم الطوفان وهو الماء فأرسل الله عليهم المطر من السماء وبيوت بني إسرائيل وبيوت القبط مختلفة مشتبكة فامتلأت بيوت القبط حتى قاموا في الماء إلى تراقيهم ومن جلس منهم غرق ولم يدخل من ذلك الماء في بيوت إسرائيل شيء وركد الماء على أرضهم فلم يقدروا على التحرك ولم يعلموا شيئاً ودام ذلك الماء عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت.
وقال مجاهد وعطاء: الطوفان الموت. وقال وهب: الطوفان الطاعون بلغة أهل اليمن.
وقال أبو قلابة: الطوفان الجدري وهم أول من عذبوا به ثم بقي في الأرض. وقال مقاتل: الطوفان الماء طفا فوق حروثهم. وفي رواية ابن عباس رضي الله عنهما أن الطوفان أمر من الله عز وجل طاف بهم فعند ذلك قالوا يا موسى ادع لنا ربك ليكشف عنا هذا المطر ونحن نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا موسىعليه الصلاة والسلام ربه فرفع عنهم الطوفان وأنبت الله لهم تلك السنة شيئاً لم ينبته قبل ذلك من الكلأ والزرع والثمر وأخصبت بلادهم فقالوا ما كان هذا الماء إلا نعمة علينا فلم يؤمنوا وأقاموا شهراً في عافية فبعث الله عليهم الجراد فأكل عامة زرعهم وثمارهم وورق الشجرة وأكل الأبواب وسقوف البيوت والخشب والثياب والأمتعة وأكل مسامير الحديد التي في الأبواب وغيرها وابتلي الجراد بالجوع فكان لا يشبع وامتلأت دور القبط منه ولم يصب بني إسرائيل من ذلك شيء فعجوا وضجوا وقالوا يا موسى ادع لنا ربك لئن كشفت عنا هذا الرجز لنؤمنن لك وأعطوه عهد الله وميثاقه بذلك فدعاء موسى ربه عز وجل فكشف الله عنهم الجراد بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت وفي الخبر «مكتوب على صدر كل جرادة جند الله الأعظم» ويقال إن موسى عليه السلام خرج إلى الفضاء فأشار بعصاه نحو المشرق فرجع الجراد من حيث جاء وكان قد بقي من زروعهم وثمارهم بقية فقالوا قد بقي لنا ما هو كافينا فما نحن بتاركي ديننا فلم يؤمنوا ولم يفوا بما عاهدوا عليه وعادوا إلى أعمالهم الخبيثة أقاموا شهراً في عافية ثم بعث الله عز وجل عليهم القمل واختلفوا فيه فروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن القمل هو السوس الذي يخرج من الحنطة.
وقال مجاهد وقتادة والسدي والكلبي: القمل الدبي وهو صغار الجراد الذي لا أجنحة له. وقال الحسن: يقرأ بفتح القاف وسكون الميم. قال أصحاب الأخبار أمر الله عز وجل موسى عليه السلام أن يمشي إلى كثيب رملي أعفر بقرية من قرى مصر تسمى عين شمس فمشى إلى ذلك الكثيب فضربه بعصاه فانهال عليهم القمل فتتبع ما بقي من حروثهم وزروعهم وثمارهم فأكلها كلها ولحس الأرض وكان يدخل بين ثوب أحدهم وجلده فيعضه فإذا أكل أحدهم طعاماً امتلأ قملاً. قال سعيد بن المسيب: القمل السوس الذي يخرج من الحبوب وكان الرجل منهم يخرج بعشرة أجربة إلى الرحى فلا يرد منها ثلاثة أقفزة فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من القمل وأخذت أشعارهم وأبصارهم وحواجبهم وأشفار عيونهم ولزم فدعا موسى فرفع الله عنهم القمل بعد ما أقام عليهم سبعة أيام من السبت إلى السبت فمكثوا بعد ذلك ورجعوا إلى أخبث ما كانوا عليه من الأعمال الخبيثة وقالوا ما كنا قط أحق أن نستيقن أنه ساحر من اليوم يجعل الرمل دواباً فدعا موسى عليهم ما أقاموا شهراً في عافية فأرسل الله عليهم الضفادع فامتلأت منها بيوتهم وأطعمتهم وآنيتهم فلا يكشف أحد إناء ولا طعاماً إلا وجد فيه الضفادع وكان الرجل منهم يجلس في الضفادع فتبلغ إلى حلقه فإذا أراد أن يتكلم يثب الضفدع فيدخل في فيه وكانت تثب في قدورهم فتفسد طعامهم عليهم وتطفئ نيرانهم وكان أحدهم إذا اضطجع ركبته الضفادع حتى تكون عليه ركاماً فلا يستطيع أن ينقلب إلى شقه الآخر وإذا أراد أن يأكل سبقه الضفدع إلى فيه ولا يعجن أحدهم عجيناً إلا امتلأ ضفادع فلقوا من ذلك بلاء شديداً.
وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت الضفادع برية فلما أرسلها الله عز وجل على آل فرعون وسمعت وأطاعت وجعلت تقذف بأنفسها في القدور وهي تغلي على النار وفي التنانير وهي تفور أثابها الله عز وجل بحسن طاعتها برد الماء فلما رأوا ذلك بكوا وشكوا إلى موسى عليه الصلاة والسلام ما يلقونه من الضفادع وقالوا هذه المرة نتوب ولا نعود فأخذ موسى عليه السلام عليهم العهود والمواثيق ثم دعا الله عز وجل فكشف عنهم الضفدع بعد ما أقامت عليهم سبعاً من السبت إلى السبت فأقاموا شهراً في عافية ثم نقضوا العهد وعادوا إلى كفرهم فدعا عليهم موسى عليه الصلاة ولسلام فأرسل الله عز وجل الدم فسال النيل عليهم دماً عبيطاً وصارت مياههم كلها دماً وكل ما يستقون من الآبار والأنهار يجدونها دماً عبيطاً فشكوا ذلك إلى فرعون وقالوا: ليس لنا شراب إلا الدم، فقال: سحركم.
فقالوا: من أين يسحرنا ونحن لا نجد في أوعيتنا شيئاً من الماء إلا دماً عبيطاً. فكان فرعون يجمع بين القبطي والإسرائيلي على إناء واحد فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء وما يلي القبطي دماً ويفرغان الجرة فيها الماء فيخرج للقبطي دم وللإسرائيلي ماء حتى أن المرأة من آل فرعون تأتي إلى المرأة من بني إسرائيل حين جهدهم العطش فتقول لها اسقني من مائك فتصب لها في قربتها فيصير في الإناء ماء حتى كانت تقول اجعليه في فيك ثم مجيه في فمي فتفعل ذلك فيصير دماً ثم إن فرعون اعتراه العطش حتى أنه ليضطر إلى مضغ الأشجار الرطبة فإذا مضغها صار ماؤها دماً فمكثوا على ذلك سبعة أيام لا يشربون إلا الدم. وقال زيد بن أسلم: إن الدم الذي سلط الله عز وجل عليهم كان الرعاف فأتوا موسى صلى الله عليه وسلم وشكوا إليه ما يلقوه وقالوا ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنحن نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل فدعا موسى عليه الصلاة والسلام ربه فكشف عنهم ذلك فلم يؤمنوا فذلك قوله تعالى: {فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات} يعني يتبع بعضها بعضاً وتفصيلها أن كل عذاب كان يقوم عليهم أسبوعاً وبين كل عذابين مدة شهر {فاستكبروا} يعني عن الإيمان فلم يؤمنوا {وكانوا قوماً مجرمين} يعني آل فرعون.


قوله تعالى: {ولما وقع عليهم الرجز} يعني لما نزل بهم العذاب الذي ذكره في الآية المتقدمة هو الطوفان وما بعده وقال سعيد بن جبير الرجز الطاعون وهو العذاب السادس بعد الآيات الخمس التي تقدمت فنزل بهم الطاعون حتى مات منهم في يوم واحد سبعون ألفاً فأمسوا وهم لا يتدافنون.
(ق) عن أبي أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الطاعون رجز أرسل على طائفة من بين إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه» وقوله تعالى: {قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك} يعني بما أوصاك وقيل بما عهد عندك من إجابة دعوتك {لئن كشفت عنا الرجز} يعني العذاب الذي وقع بنا {لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل} حتى يذهبوا حيث شاؤوا {فلما كشفنا عنهم الرجز} يعني بدعوة موسى عليه الصلاة والسلام {إلى أجل هم بالغوه} يعني إلى الوقت الذي أجل لهم وهو وقت إهلاكهم بالغرق في اليم {إذا هم ينكثون} يعني إذا هم ينقضون العهد الذي التزموه فلم يفوا به.
واعلم أن ما ذكره الله تعالى في هذه الآيات هي معجزات في الحقيقة دالة على صدق موسى عليه الصلاة والسلام ووجه ذلك أن العذاب كان مختصاً بآل فرعون دون بني إسرائيل فاختصاصه بالقبطي دون الإسرائيلي معجز وكون بني إسرائيل في أمان منه وعافية وقوم فرعون في شدة وعذاب وبلاء مع اتحاد المساكن معجز أيضاً.
فإن اعترض معترض وقال إن الله تعالى علم من حال آل فرعون أنهم لا يؤمنون بتلك المعجزات فما الفائدة في تواليها عليهم وإظهار الكثير منها.
فالجواب على مذهب أهل السنة إن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا يُسأل عما يفعل وأما على قول المعتزلة في رعاية المصلحة فلعله تعالى علم من قوم فرعون أن بعضهم كان يؤمن بتوالي تلك المعجزات وظهورها فلهذا السبب والاها عليهم والله أعلم بمراده.
قوله عز وجل: {فانتقمنا منهم} يعني كافأناهم عقوبة لهم سوء صنيعهم. وأصل الانتقام في اللغة سلب النعمة بالعذاب {فأغرقناهم في اليم} والمعنى أنه تعالى لما كشف عنهم العذاب مرات فلم يؤمنوا ولم يرجعوا عن كفرهم فلما بلغوا الأجل الذي أجل لهم انتقم منهم بأن أهلكهم بالغرق فذلك قوله فأغرقناهم في اليم يعني البحر واليم الذي لا يدرك قعره وقيل هو لجة جر البحر ومعظم مائه. قال الزهري: اليم معروف لفظه سريانية عربتها العرب ويقع اسم على البحر الملح والبحر العذب ويدل على ذلك قوله تعالى: {فاقذفيه في اليم} والمراد به نيل مصر وهو عذب {بأنهم كذبوا بآياتنا} يعني أهلكناهم وأغرقناهم بسبب أنهم كذبوا بآياتنا الدالة على وحدانيتنا وصدق نبينا {وكانوا عنها} يعني عن آياتنا {غافلين} يعني معرضين وقيل كانوا على حلول النقمة بهم غافلين.
ولما كان الإعراض عن الآيات وعدم الالتفات إليها كالغفلة عنها سموا غافلين تجوزاً لأن الغفلة ليست من فعل الإنسان.


قوله عز وجل: {وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون} يعني ومكنّا القوم الذين كانوا يقهرون ويغلبون على أنفسهم وهو أن فرعون وقومه كانوا قد تسلطوا على بني إسرائيل فقتلوا أبناءهم واستخدموهم فصيروهم مستضعفين تحت أيديهم {مشارق الأرض ومغاربها} يعني أرض الشام ومصر وأراد بمشارقها ومغاربها جميع جهاتها ونواحيها. وقيل: أراد بمشارق الأرض ومغاربها الأرض المقدسة وهو بيت المقدس وما يليه من الشرق والغرب. وقيل: أراد جميع جهات الأرض وهو اختيار الزجاج قال: لأن داود وسليمان صلوات الله وسلامه عليهما كانا من بني إسرائيل وقد ملكا الأرض.
وقوله عز وجل: {التي باركنا فيها} يدل على أنها الأرض المقدسة يعني باركنا فيها بالثمار والأشجار والزروع والخصب والسعة {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل} يعني وتمت كلمة الله وهي وعدهم بالنصر على عدوهم والتمكين في الأرض من بعدهم وقيل كلمة الله هي قوله: {ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض} الآية والحسنى صفة للكلمة وهي تأنيث الأحسن وتمامها إنجاز ما وعدهم به من تمكينهم في الأرض وإهلاك عدوهم {بما صبروا} يعني إنما حصل لهم ذلك التمام وهو ما أنعم الله تعالى بهم عليهم من إنجاز وعده لهم بسبب صبرهم على دينه وأذى فرعون لهم {ودمرنا} يعني وأهلكنا والدمار الهلاك باستئصال {ما كان يصنع فرعون وقومه} في أرض مصر من العمارات والبينان {وما كانوا يعرشون} يعني يسقفون من ذلك البنيان وقال مجاهد: ما كانوا يبنون من البيوت والقصور. وقال الحسن: وما كانوا يعرشون من الثمار والأعناب.
قوله عز وجل: {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر} يعني وقطعنا ببني إسرائيل البحر بعد إهلاك فرعون وقومه وإغراقهم فيه يقال جاز الوادي وجاوزه إذا قطعه وخلفه وراء ظهره.
وقال الكلبي عبر موسى البحر يوم عاشوراء بعد مهلك فرعون وقومه فصامه شكراً لله تعالى: {فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم} يعني فمر بنو إسرائيل بعد مجاوزة البحر على قوم يعكفون أي يقيمون ويواظبون على أصنام لهم يعني تماثيل لهم كانوا يعبد ونها من دون الله. قال ابن جريج: كانت تلك الأصنام تماثيل بقر وذلك أول شان العجل. وقال قتادة: كان أولئك القوم من لخم وكانوا نزولاً بالرقة يعني بالرقة ساحل البحر وقيل كان أولئك الأقوام من الكنعانيين الذين أمر موسى عليه الصلاة والسلام بقتالهم {قالوا} يعني قال بنو إسرائيل لموسى لما رأوا ذلك التمثال {يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة} يعني كما لهم أصنام يعبد ونها ويعظمونها فاجعل لنا أنت إلهاً نعبد ه ونعظمه. قال البغوي رحمه الله: ولم يكن ذلك شكاً من بني إسرائيل في وحدانية الله تعالى وإنما معناه اجعل لنا شيئاً نعظمه ونتقرب بتعظيمه إلى الله تعالى وظنوا أن ذلك لا يضر الديانة وكان ذلك لشدة جهلهم وقال غيره هذا يدل على غاية جهل بني إسرائيل وذلك أنهم توهموا أنه يجوز عبادة غير الله تعالى بعد ما رأوا الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى وكمال قدرته وهي الآيات التي توالت على قوم فرعون حتى أغرقهم الله تعالى في البحر بكفرهم وعبادتهم غير الله تعالى فحملهم جهلهم على أن قالوا لنبيهم موسى عليه الصلاة والسلام اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فرد عليهم موسى عليه الصلاة والسلام بقوله: {قال إنكم قوم تجهلون} يعني تجهلون عظمة الله تعالى وأنه لا يستحق أن يعبد سواه لأنه هو الذي أنجاكم من فرعون وقومه فأغرقهم في البحر وأنجاكم منه.
عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى غزوة حنين مر بشجرة للمشركين كانوا يعلقون عليها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سبحان الله هذا كما قال قوم موسى اجعل إلهاً كما لهم آلهة والذي نفسي بيده لتركبن سنن مَن كان قبلكم» أخرجه الترمذي.
وقوله تعالى: {إن هؤلاء متبرٍ ما هم فيه} أي مهلك والتتبير الإهلاك {وباطل ما كانوا يعلمون} البطلان عبارة عن عدم الشيء إما بعدم ذاته أو بعدم فائده ونفعه والمراد من بطلان عملهم أنه لا يعود عليهم من ذلك العمل نفع ولا يدفع عنهم ضراً لأنه عمل لغير الله تعالى فكان باطلاً لا نفع فيه {قال أغير الله أبغيكم إلهاً} لما قال بنو إسرائيل لموسى عليه الصلاة والسلام اجعل لنا إلهاً لنا إلهاً كما لهم آلهة حكم عليهم بالجهالة وقال مجيباً لهم على سبيل العجب والإنكار عليهم أغير الله أبغيكم إلهاً يعني أطلب لكم وأبغي لكم إلهاً {وهو فضّلكم على العالمين} والمعنى أن الإله ليس هو شيئاً يطلب ويلتمس ويتخير بل الإله هو الذي فضلكم على العالمين لأنه القادر على الإنعام والإفضال فهو هذا الذي يستحق أن يعبد ويطاع لا عبادة غيره ومعنى قوله فضلكم على العالمين يعني على عالمي زمانكم وقيل فضلهم بما خصهم به من الآيات الباهرة التي لم تحصل لغيرهم وإن كان غيرهم أفضل منهم.

10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17